الثلاثاء، 7 مارس 2017

إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى



4- إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى :

أولاً : إلغاء الأمر من سلطة التحقيق :

يجوز إلغاء الأمربألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من الجهة التي أصدرته بناء على طلب النيابة وذلك بتوافر شرطين :

الأول : ظهور دلائل جديدة :

إذا ظهرت دلائل جديدة تفيد في ثبوت الواقعة ونسبتها إلى المتهم ؛ فإنه يجوز للجهة التي أصدرت الأمر بألا وجه إلغاؤه للعودة إلى التحقيق . و يستوي في ذلك أن يكون الأمر قد بنى على أسباب قانونية أو على أسباب موضوعية . وكل ما يلزم هو أن تكون الدلائل الجديدة من شأنها أن تؤثر على السبب الذي من أجله صدر الأمر بألا وجه . و يعد من الدلائل الجديدة شهادة الشهود و المحاضر و الأوراق الأخرى التي لم تعرض على سلطة التحقيق أو مستشار الإحالة و يكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقة . كما تعد إيضاح من الدلائل الجديدة و قوع جريمة مماثلة و في نفس الظروف التي وقعت فيها الجريمة الصادر بشأنها الأمر .

و اشترط كون الدلائل جديدة يفيد أن هذه الدلائل لم تكن قد عرضت على سلطة التحقيق قبل إصدار الأمر . و إنما لا يلزم أن تكون قد تواجدت بعد صدور الأمر ، إذ يكفي وجودها من قبل طالما لم تكن تحت بصر سلطة التحقيق وقد إصدار الأمر ، فإذا كان الدليل تحت بصر المحقق قبل إصدار الأمر فلا يجوز العودة إلى التحقيق حتى لو كان المحقق لم يلتفت إلى الدليل بسبب غفلة منه .

و تقدير قيمة هذه الدلائل الجديدة من حيث تقوية أدلة الثبوت أو زيادة الإيضاح المؤدي إلى الحقيقة هو أمر يستقل بتقدير المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع و محكمة النقض .

و تكون العودة إلى التحقيق بناء على هذه الدلائل الجديدة بناء على طلب النيابة العامة إذا كان القرار بألا وجه قد صدر من قاضي التحقيق ( م 197 ) ، و تتولى النيابة العامة جمع هذه الدلائل بوصفها سلطة جمع الإستدلالات ، فقاضي التحقيق لا يملك العودة إلى التحقيق إذا لم تطلب النيابة العامة العودة إلى التحقيق .

الثاني : ألا تكون الدعوى العمومية قد سقطت بالتقادم أو لأي سبب آخر من أسباب السقوط :

و المشرع لم ينص سوى على التقادم في المادة 197 ، إلا أن أسباب سقوط الدعوى تحول دون السير فيها من جديد أيا كان سبب السقوط ، اللهم إلا إذا كانت الدلائل الجديدة من شأنها أن تخرج الواقعة عن سبب السقوط الذي قام به بالنسبة لها ، و مثال ذلك أن تكون الواقعة التي صدر بشأنها الأمر هي جنحة تسقط بثلاث سنوات وكانت الدلائل الجديدة قد أظهرت عنصراً آخر من عناصر الجريمة يجعلها جناية كالإكراه مثلاً في السرقة ، فهناك لا يحتج بسقوط الواقعة بالتقادم المسقط للجنح ، و إنما بالمدة المقررة للجنايات ، و كذلك الحال أيضاً إذا كان سبب السقوط هو العفو الشامل عن الجريمة ثم ظهرت دلائل جديدة كان من شأنها إضفاء وصف جديد على الواقعة مما يخرجها عن نطاق الجرائم المشمولة بالعفو .

ثانيا : سلطة النائب العام في إلغاء الأمر بألا وجه الصادر من النيابة العامة :

للنائب العام الحق في إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من النيابة العامة ، و ذلك في خلال الثلاة أشهر التالية لصدوره ( م 211 ) و دون إستلزام توافر دلائل جديدة ، إلا أن ذلك مشروط بالآتي :

1- ألا يكون قد صدر قرار من محكمة الجنح المستأنفة برفض الإستئناف المرفوع عن هذا الأمر من المدعي المدني .

2- ألا تكون الدعوى الجنائية قد انقضت أو سقطت لأي سبب من أسباب السقوط التي تحول دون السير فيها .

3- ألا يكون النائب العام نفسه هو الذي أصدر القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.

ثالثاً : إلغاء الأمر بألا وجه من الجهات المختصة بنظر الطعن فيه :

الأوامر بألا وجه لإقامة الدعوى يجوز الطعن فيها أيا كانت الجهة التي أصدرتها ، و ذلك على النحو التالي :

1- إذا كان الأمر صادراً من النيابة العامة في جريمة غير منسوبة لموظف مستخدم عام أو أحد رجال الضبط وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 عقوبات ، جاز للمدعي المدني الطعن في الأمر في خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بالأمر .. و يرفع الطعن إلى محكمة الجنايات المختصة في مواد الجنايات و إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنح و المخالفات ( م 210 ) ، و يجوز للمدعي المدني الطعن بالنقض في الأمر الصادر من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة برفض الطعن المرفوع منه عن الأمر الصادر من النيابة العامة ، كما أجاز المشرع للنائب العام الطعن بالنقض في القرار برفض الطعن المرفوع من المدعي المدني نظراً لأن القانون حظر على النائب العام إلغاء الأمر الصادر من النيابة العامة في هذا الفرض ، و من ثم وجب منح النائب العام هذا الحق .

2- إذا كان الأمر قد صدر من قاضي التحقيق أو من مستشار التحقيق المنتدب فيكون للنيابة العامة و للمدعي المدني حق الطعن بطريق الإستئناف أمام محكمة الجنايات إذا كانت لواقعة جناية ، و أمام محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة إذا كانت الواقعة جنحة أو مخالفة . و يراعى هنا القيد الوارد على حق المدعي المدني في الطعن في الأمر بألا وجه و الذي يتمثل في ألا تكون الجريمة منسوبة لموظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط وقعت منه أثناء أو بسبب تأدية وظيفته ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 عقوبات ( 162 معدلة ) .

5 – حجية الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى :

و للأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية حجيته . إلا أنها حجية دائماً مؤقتة . و مؤدى الحجية السابقة هو أن الأمر طالما هو قائم فلا يجوز العودة إلى التحقيق مرة أخرى أو رفع الدعوى طالما لم يبلغ الأمر لأي سبب من الأسباب السابقة ، كما أن مقتضى هذه الحجية أنه لا يجوز رفع الدعوى العمومية إلى المحكمة ، و إذا رفعت تعين عليها الحكم بعدم جواز نظر الدعوى ، إلا أن ذلك مشروط بشرطين :

الأول : هو أن تكون هناك وحدة في الموضوع بأن تكون الواقعة الصادر بشأنها الأمر ذاتها المرفوعة عنها الدعوى .

الثاني : هو أن تكون هناك وحدة في الخصوم بمعنى أن يكون من رفعت عليه الدعوى الجنائية هو ذاته المتهم الذي صدر بشأنه قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية .

6- مظاهر الحجية المؤقتة للأمر :

تكون للأمر بألا وجه حجية مؤقتة طالما أنه لم يبلغ ، إلا أنه يمكن إلغاؤه إذا توافر سبب من الأسباب التي يجوز فيها ذلك ، و على ذلك يكون للأمر حجية مؤقتة في الأحوال الآتية :

1- خلال مدة الثلاثة أشهر إذا كان الأمر صادراً من النيابة العامة و لم يصدر من قرار من الجهة المختصة بنظر الإستئناف المرفوع عنه من المدعي المدني برفض الإستئناف .

2- خلال المدة المقررة للطعن في الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى أياً كانت الجهة التي أصدرته .
                                                                               
3- خلال المدة المقررة لسقوط الجريمة الصادر بشأنها الأمر بالتقادم حتى ولو كانت قد انقضت المدة المقررة للطعن أو انقضت مدة الثلاثة أشهر التي يجوز فيها للنائب العام إلغاؤه إذا كان صادراً من النيابة العامة ، إذ يجوز الإلغاء متى ظهرت دلائل جديدة ، و يصبح الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية نهائية أي لا يجوز إلغاؤه و ذلك إذا انقضت المدة المقررة لتقادم الجريمة الصادر بشأنها الأمر دون إلغاؤه .

7- الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى و الحكم البات :

يتفق الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية و الحكم البات في أن كليهما يحول دون الرجوع إلى الدعوى متى توافر شرط وحدة السبب و شروط وحدة الخصوم .

إلا أنهما يختلفان فيما بينهما في الآتي :

أولاً : الأمر بألا وجه ذو حجية مؤقتة طالما لم تنتهي المدة المقررة لسقوط الجريمة بالتقادم ، بينما الحكم البات يحول دائماً دون الرجوع إلى الدعوى حتى ولو ظهرت أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة للتقادم المسقط للجريمة .

ثانياً : أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى هو إجراء من إجراءات التحقيق بينما الحكم البات هو إجراء من إجراءات المحاكمة .

ثالثاً : الحكم البات يمكن أن تكون له حجيته أمام القضاء المدني إذا ما توافرت شروط ذلك ، أما الأمر بألا وجه فلا يجوز هذه الحجية حتى ولو أصبح نهائياً لعدم إمكان إلغائه لتقادم الجريمة ، و ذلك تأسيساً على أن الحكم البات هو عنوان الحقيقة دائماً فيما فصل فيه ، أما الأمر بألا وجه فهو لا يملك هذه المقومات حتى ولو أصبح نهائياً – إذا أن عدم إلغائه في حالة تقادم الجريمة لا يرجع إلى صيرورته باتاً وحجة فيما فصل فيها و إنما إلى عدم جدوى الإلغاء بسبب إنقضاء الدعوى الجنائية . ولذلك فإن الأمر و إن اكتسب الحجية في فترة قيامه إلا أنه لا يكسب قوة الشيء المقضي به .

8- الآمر بألا وجه و أمر الحفظ الصادر من النيابة :

يتفق الأمر بألا وجه و أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة في أن كليهما يترتب عليه عدم السير في الدعوى العمومية ، إلا أنهما يختلفان من الوجوه الآتية :
أولاً : أن أمر الحفظ هو إجراء تباشره النيابة العامة بوصفها سلطة جمع إستدلالات بينما الأمر بألا وجه هو من إجراءات التصرف في التحقيق وتباشره النيابة العامة بوصفها سلطة إتهام .

ثانياً : أن الأمر بالحفظ يصدر بناء على محضر جمع الإستدلالات ولا يكون مسبوقاً بأي إجراء من إجراءات التحقيق ، بينما الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى لابد أن يكون مسبوقاً بإجراء من إجراءات التحقيق ، و يلاحظ هنا أن العبرة بالطبيعة القانونية للأمر وليس بالوصف الذي تعطيه له النيابة العامة ، فقد تضفي النيابة وصف الأمر بالحفظ بينما الأمر في حقيقته هو بألا وجه بإعتبار أن النيابة العامة سبق لها أن باشرت إجراء من إجراءات التحقيق كإنتداب الطبيب الشرعي أو إنتداب خبير أو إنتداب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراء من إجراءات التحقيق .

ثالثاً : أن الأمر بالحفظ ليست له أدنى حجية إذ يجوز الرجوع فيه دائما من الجهة التي أصدرته بدون أي أسباب جديدة ، على حين أن الأمر بألا وجه لا يجوز الرجوع فيه إلا بناء على ظهور أدلة جديدة .

رابعاً : أن الأمر بالحفظ لا يصدر إلا من النيابة العامة بينما الأمر بألا وجه يمكن أن يصدر من قاضي التحقيق .

خامساً : أن الأمر بالحفظ لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن بينما الأمر بألا وجه نظم له المشرع طرقاً معينة للطعن فيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق