الأحد، 12 فبراير 2017

لمالك الشيء وحده ، في حدود القانون ، حق إستعماله و إستغلاله و التصرف فيه




  ماده 802
لمالك الشىء وحده، فى حدود القانون، حق إستعماله وإستغلاله والتصرف فيه.






  يستخلص من التعريف الوارد بنص المادة 802 مدني أن، حق ملكية الشئ هو حق الاستئثار باستعماله وباستغلاله وبالتصرف فيه علي وجه دائم ، وكل ذلك في حدود القانون . كما يستخلص من نص المادة 802 مدني :
* أن لحق الملكية عناصر وخصائص أشار الي أكثرها النص .
* وأن لحق الملكية وظيفة اجتماعية .
فعناصر الملكية ثلاثة : الاستعمال ، والاستغلال ، والتصرف .
ولما كان الاستعمال والاستغلال يقربان أحدهما من الآخر ، فكلاهما استعمال للشئ . فاذا استعمل المالك الشئ بشخصه سمي هذا استعمالاً ، واذا استعمله بواسطة غيره في مقابل أجر يتقاضاه من الغير سمي هذا استغلالاً ، وقد يستغل المالك الشئ مباشرة بنفسه .
1 ـ فاستعمال الشئ يكون في كل ما أعد له وفي كل ما يمكن أن يستعمل فيه . ويكون الاستعمال شخصياً ( كسكني المنزل ، او ركوب السيارة ، او ارتداء الملابس ، او حمل المجوهرات ) ، ويكون أيضاً باستهلاك الشئ ( كأكل الطعام أو ثمار ) وهذا هو الاستعمال المادي . وقد لا يستعمل المالك الشئ بل يدعو غيره الي استعماله تبرعاً دون مقابل .
ويعتبر من قبيل الاستعمال أعمال الحفظ والصيانة التي يقوم بها المالك في ملكه ( كترميم المنزل او اعادة بنائه ، او تسوية الأرض الزراعية ،  او حفر الترع ، او اصلاح السيارة)
وقد يبلغ استعمال لمالك للشئ الي حد اتلافه ( كهدم البناء ، وقلع الأشجار ، واتلاف السيارة ) دون حد لسلطته في ذلك الا ما يفرضه القانون عليه من قيود ، والا ان يحجر عليه لسفه او لمرض عقلي . أما المنتفع والمستأجر والمرتهن حيازة فهؤلاء لا يجوز لهم في استعمالهم    للشئ ان يتلفوه ، بل يجب عليهم ان يحافظوا عليه حتي يردوه سليماً للمالك .
ولكن مع ذلك يتقيد المالك في استعماله للشئ بالقيود التي يفرضها القانون ، فلا يجوز له أن يفتح مطلا علي جاره الا علي مسافة معينة حددها القانون ، وليس له ان يقيم بناء خارج خط  التنظيم ، وليس له أن يستعمل ملكه استعمالاً من شأنه أن يضر بالجار ضرراً غير مألوف .
وللمالك أن يستعمل ملكه كما يشاء كذلك له ألا يستعمله الا اذا فرض عليه القانون غير ذلك ( كعدم جواز ترك المساكن المعدة للاستغلال خالية مدة تزيد علي ثلاثة أشهر اذا تقدم لاستئجارها مستأجر بالأجرة القانونية ، وفقاً لما هو منصوص عليه في قوانين تأجير الأماكن ) .
بل للمالك أن يترك ملكه دون استعمال منقولاً كان او عقار .
2 ـ ويخول حق الملكية صاحبه ، الي جانب استعمال الشئ ، استغلاله . وقد يكون الاستغلال مباشراً ( كأن يزرع المالك أرضه ويجني ثمارها ) ، وقد يكون غير مباشر وهو يكون عن طريق جعل الغير يجني ثمار الشئ ويدفع مقابل الثمار للمالك الذي يقوم بعمل قانوني من أعمال الادارة .
ويمتد الاستغلال الي جميع ما يمتد اليه نطاق حق الملكية .
وترد علي الاستغلال ـ كما في الاستعمال ـ قيود يفرضها القانون ( كما يفرضه قانون ايجار الأماكن من تعيين حد أقصي للاجره التي يتقاضاها المالك من المستأجر ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر في العين حتي بعد انتهاء الايجار ، ومن ذلك ما يفرضه قانون الاصلاح الزراعي من تحديد أجرة الأرض الزراعية بسبعة أمثال الضريبة وغير ذلك من أحكام هذين القانونين الخاصين .
3 ـ والتصرف هو العنصر الثالث لحق الملكية ، فيجوز للمالك    أن يتصرف في ملكه بجميع أنواع التصرفات ، فيجوز للمالك أن ينقل ملكية الشئ الذي يملكه كله الي غيره بعوض أو بغير عوض أو أن ينقل اليه بعض ما يملكه ، او عنصراً من عناصر الملكية .
أما الوظيفة الاجتماعية : فانه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هي التي تقدم ، فما ينبغي أن تقف الملكية حجر عثرة في سبيل تحقيق المصلحة العامة ، ولا يدخل هذا في وظيفتها الاجتماعية . وحيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي التي تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً .
والملكية حق ذاتي ، ولها وظيفة اجتماعية .
فهي حق ذاتي في عناصره ، وفي خصائصه ، وهذه الذاتية في حق الملكية تعتبر من مقوماته وخصائصه البارزة .
والملكية حق دائم ، خلافاً للحقوق العينية والشخصية ، فهي حقوق مؤقتة ، فيستطيع المالك ـ ومن بعده خلفاؤه ـ أن يستأثروا بالشئ المملوك ، وأن يبقوا مستأثرين به حتي يهلك الشئ او يتلف . ومن ثم كانت دعوي الاستحقاق غير قابلة للسقوط بالتقادم ، وكذلك لا يجوز ان تقترن الملكية بأجل .
ونطاق الملكية يتسع حتي ليشمل سطح الأرض وما فوقها وما تحتها .
واذا كانت الملكية أكثر الحقوق الذاتية عناصر وأشملها خصائص فهي أيضاً أوسعها نطاقاً ، ولا تقتصر علي هذا القدر من العلو والعمق ، بل هي أيضاً تتناول مع الشئ المملوك كل ما ينتجه هذا الشئ من ثمار ومنتجات . بل ان مالك الأرض يملك بالالتصاق كل ما اتصل بها من مبان وغراس ، ويستأثر الي أوسع مدي بحقه الذاتي في ملكه .
وهكذا يمتد حق الماللك ، فيتناول الأرض في سطحها طولاً وعرضها ، وفي حيزها علوا وعمقاً ، ويشمل كل ما يتصل بالأرض من ملحقات ، وما تخرجه من ثمار ومنتجات ، وهذا ما يتصل اليه الحق في اتساع نطاقه .
ويحمي القانون المالك حماية شاملة ، فيمنع الغير من الاعتداء علي ملكه ، ويضع في يده سلاحاً قوياً في دعوي الاستحقاق يسترد بموجبها ملكه من تحت يد أي حائز لها غصاباً كان او غير غاصب.
ولا يجوز نزع الملكية جبراً علي صاحبها الا بشروط ، وأهمها ان يقوم مبرر قانوني لذلك ، وأن يعوض المالك مقدما عن ملكه .
وللمالك أن يتصرف في الشئ حال حياته ، وينتقل الشئ الي ورثته بعد وفاته .
فالملكية الذاتية هي ثمرة العمل ، وهي جزاؤه الحق . وهي أفضل جزاء علي العمل ، وأقوي حافز عليه ، وخير ضمان للاستقلال والحرية .
واذا كان حق الملكية حقا ذاتياً ، فان لهذا الحق وظيفة اجتماعية يجب أن يقوم بها ، وقد وقف التقنين المدني الفرنسي في سنة 1804 عند ذاتية حق الملكية ، وأغفل كثيراً من مظاهر الوظيفة الاجتماعية التي لهذا الحق . ولكن المذاهب الاشتراكية التي بدأت تنتشر طوال القرن التاسع عشر وأخذت تنفذ الي صميم النظم الاجتماعية والاقتصادية والقانونية ، ووصلت الي الأوج من انتشارا في القرن العشرين ، وما لبثت ان أبرزت جانب الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية وكان ذلك بطبيعة الحال علي حساب جانب الذاتية في هذا الحق .
ومقتضي ان تكون للملكية وظيفة اجتماعية هو ان يقيد حق الملكية لا للمصلحة العامة فحسب ، بل أيضاً للمصلحة الخاصة .
حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم   .
2 ـ عرف التقينين المدني الجديد الملكية في المادة 802 منه ، مستجمعاً عناصر الحق الثلاثة وهي : الاستعمال ، والاستغلال ، و التصرف ، كما أبرز خاصة من أهم خصائص الملكية ، وهي كونها حقاً جامعاً مانعاً ، أي مقصوراًَ علي المالك وحده . ولكنه أغفل مع ذلك خاصة الدوام التي ينفرد بها هذا الحق .
فمن أبرز خصائص الملكية وأعظمها أثراً أنها حق جامع مانع ، فهي جامع سلطات المالك وقوام حقه ، فلا يقتصر حق المالك علي أن يستأثر بكل مزايا الشئ ، فيستعمله كيفما شاء ، ويستغله في أي وجه من وجوه الاستغلال ، ويتصرف فيه بكل أنواع التصرفات ، بل ان للمالك علاوة علي هذه السلطات   التي يجمعها في يديه فيباشرها أو يهملها وفق مشيئته أن يمنع غيره من أن يفيد من ملكه أية فائدة كانت ولو لم يصبه من ذلك ضرر . هذه الخاصية الثابتة للملكية والتي تعتبر من بيعة هذا الحق قيدها بعض التشريعات الحديثة في حالات الضرورة القصوي .
ومن نتيجة هذه الخاصيه أيضاً أن الملكية الكاملة لا تثبت لشخصين علي نفس الشئ في وقت واحد ، بعكس الحقوق الشخصية ، ولكن لا يمنع أن يتملك عدة أشخاص علي الشيوع .
والملكية حق دائم أي يرد علي شئ معين ، فما دام هذا الشئ باقياً فملكيته باقية كذلك ، وآية دوامها أنها تنتقل من مالك الي آخر ، ولا تزول الا بهلاك محلها .
ان خاصية الدوام لا تفهم بمعناها الصحيح الا اذا نظر الي الملكية من زاوية معينة هي صلة الحق بموضوعه وليس بمالكه ، فهذه صلة دائمة لا انفصام لعراها .
وقد حرص المشرع ان يجعل من سلطات المالك الواسعة علي الشئ أداة للتعريف بالملكية في المادة 802 مدني .
وهذه السلطات مقيدة بقيد أساسي هو عدم الاضرار بالغير ، فقد أصبحت الملكية اليوم وظيفة اجتماعية يجب علي المالك ان يباشرها في حدود القانون ، وهذا المعني هو الذي حرص المشرع علي ابرازه عند التعريف بالملكية في المادة 802 مدني ، وفيه أيضاً ما يبرر القيود المتعددة التي أحيطت بها المليكة وعلي الأخص الملكية العقارية . فاذا كان صحيحاً أن للمالك أن يباشر علي ملكه ما يشاء من الأعمال المادية ، فان ذلك مشروط بأن تبقي هذه الأعمال داخل النطاق الذي رسمته القوانين واللوائح .
وعلاوة علي السلطات المادية التي للمالك ، فان له ان يزاول بصدد ملكه ما يشاء من الأعمال القانونية .
ومن المصطلح عليه تقسيم الأعمال القانونية الي ادارة وتصرف ولا أهمية للتفرقة بين أعمال الادارة وأعمال التصرف في نطاق حق الملكية ، ولكن هذه الأهمية قاصرة علي تحديد الأهلية اللازمة لمباشرة كل نوع من هذه الأعمال ، اذ يتساهل المشرع في تحديد الأهلية اللازمة لمباشرة أعمال الادارة ، بينما يتشدد في تحديد الأهلية اللازمة لمزاولة أعمال التصرف   .
3 ـ اكتفي نص المادة 802 مدني في تعريف حق الملكية بذكر خصائصه وعناصره ، ففي قوله " للمالك الشئ وحده " اشارة الي ان الملكية حق مقصور علي صاحبها لا يزاحمه فيه مزاحم . كما أنه ذكر عناصر الملكية الثلاثة ، وهي : حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف .
ثم ان واضعي المجموعة المدنية حرصوا أيضاً علي عدم النص علي أن الملكية حق مطلق ، بل علي العكس ذكروا أن سلطات المالك تتقيد بحدود القانون .
وخصائص حق الملكية أربعة :
1 ـ الملكية حق عيني ـ أي تنصب مباشرة علي شئ معين ، بل ان الملكية هي أوسع الحقوق العينية جميعاً فهي تعطي لصاحبها الحق الكامل علي الشئ فهو يستعمله ويستغله ويتصرف فيه .
أما سائر الحقوق العينية ، فهي أضيق منها نطاقاً لأنها ليست سوي مشتقات من حق الملكية تأخذ منه حق الاستعمال او حق الاستغلال او بعض عناصر هذين الحقين .
وهو حق مطلق يخول للمالك حق التتبع .
والملكية حق تتميز عن الحيازة التي هي سلطة فعلية .
2 ـ والملكية حق مطلق ـ وهذا الوصف يحتمل معنيين :
الأول أن الملكية يمكن ان يحتج بها ضد الكافة ، وهي خاصية تشترك معه فيها سائر الحقوق العينية . والثاني وهو أن للمالك الحق في  استعمال ملكه واستغلاله كيف يشاء وعلي النحو الذي يراه .
فالملكية تعتبر أكثر الحقوق اتصافاً بالفردية وأقواها جميعاً .
علي أن مقتضيات الحياة في المجتمع أدت الي الحد من اطلاق الملكية فوردت علي الملكية بعض القيود ، ومع تقدم المجتمعات ودخول النزعة الاشتراكية اخذت هذه القيود تزيد الي حد أن أصبح ينظر الي الملكية اليوم في التشريعات الحديثة علي أنها وظيفة اجتماعية ، وليست ذلك الحق الفردي المقدس . فالملكية وظيفة يجب أن تقوم بها لتحقيق الصالح العام للمجتمع .
ويترتب علي هذه النظرة الجديدة نتيجتان :
الأولي ـ أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم ، فما ينبغي أن تقف الملكية حجر عثرة في سبيل تحقيق المصلحة العامة ، ولا يدخل هذا في وظيفتها الاجتماعية .
الثانية ـ حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي أولي بالرعاية من حق المالك ، فان هذه المصلحة الخاصة هي التي تقدم بعد ان يعوض المالك تعويضا عادلاً .
3 ـ الملكية حق مقصور علي صاحبه ـ فللمالك يتسلط علي الشئ بطريق مباشر ، وبحكم هذا التسلط يستطيع التصرف فيه ماديا وقانونيا علي الوجه الذي يراه . وهذا ما يميز الملكية عن سائر الحقوق العينية ، فاذا حاول أي فرد الانتفاع بالشئ كان لمالكه منعه من ذلك ودفع هذا التعدي ولو كان بسيطا .
4 ـ الملكية حق دائم ـ أي انها لا تسقط بعدم الاستعمال ، وهي في هذا  تختلف عن سائر الحقوق العينية التي يلحقها التقادم المسقط . فاذا ترك المالك ملكه بدون استعمال ، فان ذلك لا يؤدي الي حرمانه . من ملكه مهما طالت المدة علي عدم استعماله له . ولا يجوز بالتالي لأحد أن يدعي تملكه شيئا مملوكا للغير بدعوي أن مالكه تركه بدون استعمال مدة طويلة . وانما يستطيع الغير ان يتمسك بحقه قبل المالك اذا قام بعمل مادي هو حيازته الشئ بقصد تملكه حيازة مستوفية للشروط القانونية ، ومضت علي هذه الحيازة المدة التي يشترطها القانون ، فعندئذ يتملك الحائز الشئ بسبب من أسباب التمليك وهو لتقادم المكسب . فالملكية لا يمكن أن يلحقها التقادم المسقط .
ومع أن الملكية حق دائم ، الا انه من المتصور توقيتها كنتيجة لاقترانها بالشرط الفاسخ ، ولكن لا يجوز اضافتها الي اجل ، فلا يصح الاتفاق علي ان يكتسب المتصرف اليه الشئ لمدة عشرة سنوات مثلا بحيث اذا انقضت اعاده الي مالكه القديم ، فهذا الاتفاق يتنافي مع طبيعة الملكية ، ومن ثم يكون شرط الاضافة باطلاً ، ما لم يحمل علي انه انشاء لحق انتفاع ، ذلك أن حق الانتفاع هو الذي يقبل بطبيعته التوقيت .
4- أما عناصر الملكية فقد أشارت اليها المادة 802 مدني وهي ثلاثة: الاستعمال ، والاستغلال ، والتصرف  .
ـ ان وصف حق الملكية بأنه حق جامع يعني انه يخول صاحبه ، بحسب الأصل ، السلطات التي تمكن من الحصول علي كل منافع او مزايا الشئ محل الحق .
وبدهي أن تتقيد سلطات المالك بكل ما في القانون من قواعد تحد من هذه السلطات تحقيقاً للمصلحة العامة او للمصالح الخاصة .
وقد تتقيد سلطات المالك ، أو يحرم من بعضها مؤقتا ، نتيجة وجود حق لغيره علي الشئ نفسه. وما يرد علي الملكية من قيود يعتبر استثناء ، فتتحدد سلطات المالك بكل ما لا يثبت وجوده من استثناءات ، فاذا ادعي شخص غير المالك حقا علي الشئ فعليه ان يثبت وجود هذا الحق .
ويقال عادة ان الملكية ، بالاضافة الي انها حق جامع ، حق مانع او استئثاري او مقصور علي المالك أي مانع لغير المالك من المشاركة في مزايا الشئ ، فالمالك يستأثر وحده بتلك المزايا .
ولا يري الدكتور منصور مصطفي منصور وجها لوصف حق الملكية دون غيره من الحقوق ، بأنه حق مانع ، فالأصل في الحقوق الخاصة جميعا انها مانعة فيستأثر صاحب الحق وحده بالسلطات التي تدخل في مضمون هذا الحق .
ويبدو بديها ان يتقيد استئثار المالك ، كاستئثار صاحب أي حق آخر ، بكافة القيود التي تستند الي القانون ، فقد يثبت لغير المالك حق يخوله سلطات تؤدي الي الافادة من الشئ كحق الجار في ان يمر في أرض جاره أو في أن يستعمل مسقاة جاره او مصرفه فيما تحتاجه أرضه من ري أوصرف .
ولما كان الأصل أن يستأثر المالك بكل مزايا الشئ فعلي من يدعي حقا يحد من هذا الاستئثار ان يثبت ما يدعيه .
وقد أخذت النزعة الفردية ، التي تضع حرية الفرد في مقدمة القيم التي يهدف القانون الي حمايتها ، تنكمش أمام المذاهب الاجتماعية التي اسهمت في انتشار النظم الاشتراكية ، وكثرت القيود التي تحد من حرية المالك لمصلحة الجماعة ، ولمصلحة غيره من الأفراد ، بحيث لم يعد من المقبول ان توصف الملكية بأنها حق مطلق .
ويذهب الدكتور منصور مصطفي الي القول بأنه اذا جاز التعبير بأن الملكية أصبحت الآن وظيفة اجتماعية في لغة المصلحين الاجتماعيين ورجال السياسة فيحسن تجنبه في لغة القانون ، اذ  يتضمن وصف الملكية بأنها وظيفة انكاراً لفكرة الحق  ذاتها ، ان مركز المالك يختلف اختلافاً جوهرياً عن مركز الموظف ، فالمالك يباشر سلطاته لحسابه ولتحقيق مصلحة الخاصة . أما مصلحة الجماعة فتتحقق بطريق غير مباشر . أما الموظف فيباشر السلطات التي تدخل في اختصاصه لحساب الجماعة ولتحقيق مصلحة الجماعة بطريق مباشر ، ولهذا فالتعبير الصحيح ان يقال ان للملكية وظيفة اجتماعية . ولكن الملكية لا تختلف في هذا من الناحية الفنية عن غيرها من الحقوق الخاصة ، اذ لكل حق وظيفة اجتماعية ( ) .
5 ـ نصت المادة 802 مدني ليس تعريفاً للملكية ، ولكنه بيان لمدي سلطات المالك وتحديد لمكونات حقه .
وشمول حق الملكية لهذه السلطات جميعاً ( الاستعمال ، والاستغلال ، والتصرف ) ، وما يعنيه ذلك من استئثار المالك بكل ما يمكن ان ينتج عن الشئ المملوك عن منافع ، هو مميز الملكية عما عداها من الحقوق العينية الأصلية الأخري التي تعتبر حقوقا متفرعة عن الملكية ، ولا تخول صاحبها الا بعضاً من سلطات المالك ، مع استبعاد سلطة التصرف علي أي حال ( ) .
6ـ أخذ أغلب الشراح بتعريف الملكية الخاصة الوارد في المادتين 802 مدني مصري و 811 مدني ليبي ، لأنه يجمع عناصر الملكية الثلاثة : الاستعمال ، والاستغلال ، والتصرف . وهي السلطات الممكنة التي تخول المالك كافة منافع الشئ في نطاق القانون . وبذلك سلم هذا التعريف مما وجه من نقد لصفة الاطلاق التي وردت في القانون المدني المصري القديم ( ).
7 ـ نقل المشرع العراقي تعريف الملكية الوارد بنص المادة 1048 مدني عراقي عن مرشد الحيران ( م 11 ) . ويري الدكتور حسن الذنون أن النص علي أن الملكية حق يعطي لصاحبه التصرف فيما يملكه تصرفاً مطلقاً يعود بنا الي الوراء قرونا متعددة حيث كانت النزعة الفردية سائدة وحيث كانت الحقوق مطلقة لا يكاد يحدها حد ، ومنذ أواسط القرن التاسع عشر أخذ الفقهاء يوجهون سهام نقدهم الي هذه الأفكار الفردية وأصبح قيام حقوق مطلقة أمر لا يقره فقيه من الفقهاء المحدثين ، ومع هذا فان نص المشرع العراقي علي أن للمالك ان يتصرف في ملكه بجميع التصرفات الجائزة فيه اشارة مبهمة الي انه يميل الي الأخذ بهذا التطور الفقهي .
ويفهم من النص المتقدم ان حق الملكية يعطي لصاحبه حق المنفعة والاستغلال والتصرف ، وهذه هي عناصر الملكية التي أقرها الفقه المدني . فالتصرف عمل مادي او قانوني اذا انصب علي الشئ أخرجه من الذمة او أهلكه . والاستغلال يراد به الحصول علي ثمار الشئ الذي يكون قابلا لانتاجها ، والمنفعة يراد بها استخدام الشئ في وجوه الاستعمال التي أعد لها   .
8- عرف القانون المدني العراقي الملكية في المادة 1048 منه وهذا التعريف هو النص الحرفي للمادة 11 من ( مرشد الحيران ) .
والسبب الذي حدا بالمشرع الي اختيار هذا التعريف هو التنويه بما له من مطابقة تكاد تكون كاملة مع احدث تعريفات التشريع الحديث .
واذا نحن قابلنا هذا التعريف مع المادة 802 من القانون المدني المصري والمادة 762 من القانون المدني السوري وجدنا بينهما مطابقة في العناصر الثلاثة التي يتألف منها حق الملكية ، وهي حق الاستعمال والاستغلال والتصرف . ولما كان حق المنفعة الوارد في التعريف العراقي يشمل حق الاستعمال والاستغلال فان التعريفين يتطابقان في عناصر الملكية الثلاثة :  المنفعة أي الاستعمال والاستغلال ثم التصرف . الا ان القانون العراقي زاد لفظ الاستغلال مع أنه مشمول بذكر المنفعة . ولكن هذا لا يعد نقصا يبرر اهمال الأخذ بتعريف مستمد من أحكام الفقه الاسلامي . وقد جاء التعريف منصباً علي المالك التام تفريقاً للملكية الخاصة ولا يجري فيها التصرف المطلق وانما تملك منفعتها بالاستعمال الشائع . وقد أجمل النص معني الملكية بالتصرف المطلق الذي يقع علي المال . ثم بين أن محل الملكية هذا قد يكون عيناً او منفعة او استغلالاً . ثم فصل الانتفاع بأنه استعمال المالك ما يتملكه ذاتاً كأن يكون داراً فسكنها ثم الاستغلال بأنه الاستيلاء علي غله ملكه كأن تكون ثمرة او انتاجاً . أما التصرف فقد جعله يتناول العين نفسها بجميع التصرفات الجائزة . ومن هذا التعريف تتبين خصائص الملكية وعناصرها  .
_______________________
1  ـ الوسيط ـ 8 ـ للدكتور عبد الرزاق السنهوري ـ طبعة 1967 ـ ص 492 وما بعدها .
 2 ـ الملكية ـ للدكتور محمد علي عرفه ـ جزء 1 ـ طبعة 1950 ـ ص 208 وما بعدها ، وكتابة : التقنين المدني الجديد ـ ط 2 ـ 1955 ـ ص 587و588.
 3 ـ الحقوق العينية ـ للدكتور عبد المنعم البدراوي ـ طبعة 2 ـ 1956 ـ ص 19 وما بعدها ، وطبعة 3 ـ 1968 ـ ص 15 وما بعدها .
  4ـ حق الملكية ـ للدكتور منصور مصطفي منصور ـ طبعة 1965 ص 9 وما بعدها
 5 ـ  حق الملكية ـ للدكتور جميل الشرقاوي ـ طبعة 1974 ـ ص 15 وما بعدها .
 6 ـ الوظيفة الاجتماعية للمكية الخاصة ـ رسالة المستشار الليبي الدكتور محمد علي حنبولة ـ ط1974 ـ ص 494 وما بعدها .
 7 ـ محاضرات في القانون المدني العراقي ـ للدكتور حسين الذنون ـ ط 1955 ـ ص 3و4 .


_______________
راجع الشرح والتعليق لهذة المادة فى الموسوعة الوافية فى شرح القانون المدنى
 م/انور العمروسى  - تنقيح ا/أشرف احمد عبد الوهاب -الطبعة الرابعة أصدار دار العدالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق